كان لي (برنامج إذاعي) يُبَثُّ أسبوعيًّا من محطّة إذاعة القرآن الكريم في باريس اسمه : (وَفيَاتِ الأعْلام) ، أُذيعَ في عام (1419هـ= 1999م)، فَنَعَيْتُ فيه الدكتورَة : عائشة عبد الرحمان، الشهيرة في الأوساط العلميّة و الأدبيّة :بنت الشاطئ، و ذلك إثْرَ بلاغِي وفاتَها، فحرّرْتُ سيرتَها : تعريفًا و تنويهًا، كما يلي :
مِنْ أعْلام الوفيات في هذا الشهر : الكاتبَةُ الفاضلة ، و المرأةُ العالمة ، الدكتورة عائشة عبد الرحمان،التي طالما اشتهرت و عُرفت على مدى سنواتٍ مضت في مسيرة حياتِها، و في الأوساط العلميّة و الأدبيّة باسم بنت الشاطئ.
وُلدَت في مدينة دِمْيَاط المصريّة في ( 16 تشرين الثاني عام 1912م)، الموافق لسنة ( 1331 هـ).
درست في بيْتِها حتّى أنهت الثانويّة، ثم دخلتْ معهد المعلمات، و حصلتْ منه على شهادة الكفاءة عام 1929م ، و بعدها دخلتْ جامعة القاهرة، درستْ فيها إلى أن حصلت منها على شهادة اللّيسَانْس في اللغة العربية و آدابها، و ذلك في عام 1939 م ، ثم واصلت دِراسَـتَـها الجامعيّة في كلية الآداب بالجامعة نفسها ، و نالت منها شهادة الماجستير في عام 1941 م ، ثم الدكتورة في النصوص عام 1950م.
عملت عائشة عبد الرحمان في وظائف عدّة قبِل التخرج و بعْده: ما بين معيدة و مدرِّسة مساعدة في كلية الآداب من عام 1939 م إلى عام 1942 م ،ثم مفتشة اللغة العربيّة في وزارة التعليم ما بين عام 1943 و 1944 م، ثم انتدبتها جامعة عين شمس من عام 1951م إلى عام 1961م : أستاذة مساعدة ، ثم على إثرها ارتقتْ إلى أستاذة كرسي، فرئيسة قسم اللغة العربية و الدراسات الإسلامية بنفس الجامعة : ( كلية الآداب) و ذلك من عام 1962 م إلى 1972 م ، كما أنها في أثناء تلك الوظائف – و تحديدًا – في 1968 م اِنْتُدِبَتْ من قِبَل جامعة الأزهر أستاذةً مُشْرفةً على ” بحوث” طلبة الماجستير و الدكتوراه.
كما اِختِيرَت منذ العام 1967 م ، أستاذة زائرة لعدّةِ جامعات عربية خارجَ بلدها مصر ، منها :
جامعة الخرطوم ، و جامعة أم درمان الإسلامية ( 1967ء1970م).
جامعة القرويين بفاس: كلية الشريعة بقسم الدارسات العليا (1970م).
جامعة بيروت (1971م).
كلية البنات الجامعية في الرياض : مستشار الدراسات العليا (1975م).
و مارسَتْ الدكتورة عائشة عبد الرحمان بنت الشاطئ يرحمها الله : الكتابة مُبَكِّرًا في صحيفة الأهرام ( المصريّة) منذ عام 1935 م ، و كان عمرها يومذاك ثلاثا و عشرين عامًا، و ظلت تكتب فيها إلى ما قبل وفاتها، خصوصًا في بابها السَّنَوي : ( حديث رمضان)، الذي اعتاد عليه قُرَّاؤها منذ سنواتٍ طوالا في صفحة : (أنوار رمضان).
كما شاركت الدكتورة عائشة عبد الرحمان في العديد من (الندوات) و ( المؤتمرات) العلميّة في مصر و خارجَها، كما زارتْ دُوَلاً كثيرة : عربيّة و غربيّة ،مثل : ( السودان. المغرب. لبنان. السعودية. العراق. الجزائر. الكويت. ليبيا.غانا. باكستان.ايطاليا.روسيا).
كما حصلت الدكتورة عائشة عبد الرحمان على جوائز راقية ، و أوْسمَة مرموقة من عدّة جهات، و هي على التوالي :
1- جائزة مجمع اللغة العربية في القاهرة/ لتحقيق النصوص .(عام 1950م).
2- جائزة مجمع اللغة العربية في القاهرة/ للقصّة القصيرة .(عام 1953م).
3- الجائزة الأولى للحكومة المصريّة في الدراسات الاجتماعية و الريف المصري. ( عام 1956م)
4- وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى في مصر. ( 1973م).
5- جائزة الدولة التقديرية في الآداب مصر. (عام 1978م)
6- وسام الكفاءة الفكرية من المغرب .(عام 1967م)
7- جائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي من الكويت.
8- شهادة تقدير من المنظمة العربية للتربية و التعليم و الثقافة : ( الإيسيسكو) / عام 1980م.
9- جائزة الملك فيصل العالميّة للأدب العربي في السعودية بالاشتراك. (عام 1994م).

و نظرًا لهذه المكانة الرفيعَة التي حظِيَتْ بها و تبوّأَتْها في عالم الفكْر و العلم و مجال الثقافَة ، نالتْ عضوية :
1- مجمع البحوث الإسلامية : ( هيأة كبار العلماء) بالأزهر الشريف.
2- مجلس الثقافة الأعلى المصري.
3- مجلس مركز تحقيق التراث في دار الكتب المصرية بالقاهرة.

أغْنت الرّاحلة : الدكتورة عائشة عبد الرحمان بنت الشاطئ يرحمها الله : المكتبة العربية و الإسلامية بالعديد من الكتب و البحوث، و الدراسات ، و المقالات .
نُشِرَتْ لها في كثير من الصحف و المجلاّت على مَدَى ( ثلاثٍ و ستِّين) عاما تقريبا، فقد استمرّتْ هذه العبقريَّة الفذّةَ : الأستاذة ، و المفكّرةَ، و الكاتبة، و الأديبَة ، و الأكاديميَّة، تتدفّقُ عملا و عطاءً متواصِلا إلى آخر أيام من حياتها رحمها الله.
وقد صدر لها أكثر من (أربعين) كتابًا مطبوعًا، و تولَّتْ دار المعارف المصريّة طبْعها و نشْرَها كلها تقريبا.
فمِن مؤلفاتها الصادرة :
تراجم سيّدات بيت النُّبوَّةَ/(خمسة أجزاء).
موسوعة آل النبيّ.
التفسير البياني للقرآن الكريم / ( جزأن).
الحياة الإنسانية عند أبي العلاء.
أرض المعجزات: (رحلة في جزيرة العرب).
تراثنا بيْن ماضٍ و حاضر.
لغتنا و الحياة.
الأعمال الكاملة ( من الأعمال الأدبيَّة)… و غيْرها.

انتقلت الدكتورة عائشة عبد الرحمان الشهيرة بنت الشاطئ إلى رحمة الله في هذا الشهر الكريم عام 1419هـ = 1998 م ، فرحمها الله و غفر لها…