مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله ﷺ
- وُلِدَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ ﷺ مِنْ أَبَوَيْنِ قُرَشِيَّيْنِ كَرِيمَيْنِ: عَبْدِ اللّه بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَآمِنَةَ بِنْتِ وَهْبٍ، بِمَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ: الثَّانِي عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ عَامِ الْفِيلِ، عَلَى الْمَشْهُورِ.
- نَشَأَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ ﷺ يَتِيمًا: إِذْ تُوُفِّيَ أَبُوهُ فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ وَأُمُّهُ حَامِلٌ بِهِ، عَلَى الرَّاجِحِ.
- أَقَامَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ ﷺ فِي الْبَادِيَةِ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ، عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ لِيَكُونَ أَنْجَبَ لِلْوَلَدِ وَأَفْصَحَ لِلِسَانِهِ، وَلِيَنْشَأَ قَوِيَّ الْبِنْيَةِ، سَلِيمَ الْبَدَنِ؛ فَكَانَتْ حَلِيمَةُ السَّعْدِيَّةُ: مُرْضِعَتَهُ حَتَّى السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنْ عُمُرِهِ، وَفِي نَفْسِ السَّنَةِ، تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ فَكَفَلَهُ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ إِلَى أَنْ مَاتَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنْ كَفَالَتِهِ إِيَّاهُ، فَكَفَلَهُ بَعْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ.
- كَانَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ ﷺ يَعْمَلُ في رَعْيِ الْغَنَمِ عَلَى سُنَّةِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلُ، ثُمَّ عَمِلَ فِي التِّجَارَةِ فِي صُحْبَةِ عَمِّهِ أَبِي طَالِب، فَقَدْ سَافَرَ مَعَهُ إِلَى الشَّامِ وَفي عُمُرِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً، كَمَا اشْتَغَلَ فِي تِجَارَةٍ لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِد، وَكَانَ عُمُرُهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَة، فَرَجَعَ لَهَا بِأَرْبَاحٍ عَظِيمَة، مِمَّا رَغَّبَهَا فِي أَنْ تَطْلُبَ الزَّوَاجَ مِنْه، فَوَافَقَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ وَتَزَوَّجَهَا، فَوَلَدَتْ لَهُ جَمِيعَ أَوْلَادِهِ وَبَنَاتِه، مَا عَدَا إِبْرَاهيمُ فَإِنَّهُ مِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَة.
- لَمَّا بَلَغَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ ﷺ الْأَرْبَعِينَ مِنْ عُمُرِه، جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ الْمَلَكُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْوَحْيِ مُعْلِنًا: أَنَّهُ رَسُولُ الله إلى النّاسِ كَافَّةً، وَقَرَأَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالى ﴿ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ ٢ ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ ٣ ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ ٤ عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ ٥ ﴾ [العلق: 1-5].
- بَعْدَ هَذَا شَرَعَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ ﷺ يَدْعُو إِلَى الله وَإِلَى الدِّينِ الْجَدِيدِ سِرًّا ثُمَّ جَهْرًا، فَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ: زَوْجُهُ خَدِيجَةُ، وَابْنُ عَمِّهِ عَلِيُّ بْنُ أَبي طَالِب، وَمَوْلَاهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَصَدِيقُهُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ.
- نَاصَبَتْ قُرَيْشُ الْعَدَاءَ للرَّسُولِ ﷺ وَدَعْوَتِهِ، وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ اعْتَنَقُوهَا، وَنَكَّلَتْ بِهِمْ، فَأَذِنَ الرَّسُولُ ﷺ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ فِي الْهِجْرَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ فِرَارًا بِدِينِهِ الْجَدِيد.
- وَلَمَّا يَئِسَ رَسُولُ الله مِنْ إِسْلَامِ قَوْمِه، أُمِرَ بِأَنْ يَعْرِضَ دَعْوَتَهُ عَلَى الْوُفُودِ الَّتِي تَقْدُمُ مَكَّةَ كُلَّ عَامٍ فِي مَوْسِمِ الْحَجِّ: وَمِمَّنْ عَرَضَ عَلَيْهِمْ نَفَرٌ مِنْ عَرَبِ يَثْرِبَ، فَآمَنُوا بِه، فَبَعَثَ مَعَهُمْ مُقْرِئًا يُدْعَى مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ رَضِيَ الله عَنْه يُعَلِّمُهُمُ الْإِسْلَامَ، وَيُقْرِئُهُمْ الْقُرْآنَ، فَعَمَّ الْإِسْلَامُ الْمَدِينَةَ، وَلَمْ تَبْقَ مِنْ دُورِهَا إِلَّا وَفِيهَا ذِكْرُ الرَّسُولِ ﷺ.
- وَفي الْعَامِ الثَّالِثَ عَشَرَ لِلنُّبُوَّةِ، وَفَدَ عَلَيْهِ ﷺ سَبْعُونَ رَجُلًا: يُبَايِعُونَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى الْهِجْرَةِ إِلَيْهِمْ، فَأَجَابَ الرَّسُولُ دَعْوَتَهُمْ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا، ثُمَّ لَحِقَهُمْ مُتَخَفِّيًا فِي صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ الله عَنْه، وَكَانَ قَدْ وَصَلَهَا تَحْدِيدًا: في يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ الثّامِنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لِلنُّبُوَّة.
- وَفِي الْمَدِينَةِ ـ حَيْثُ قَضَى فِيهَا عَشْرَ سِنِينَ ـ قَامَ ﷺ عِنْدَ وُصُولِه إِلَيْهَا بِوَضْعِ ثَلَاثِ أُسُسٍ هِيَ: بِنَاءُ «مَسْجِدِهِ» الشَّريفِ، وَ«الْمُؤَاخَاةُ» بَيْنَ الْمُهَاجِرينَ وَالْأنْصَارِ، وَتَسْطِيرُ «دُسْتُورٍ» لِلتَّعَامُلِ بَيْنَ سُكَّانِ الْمَدِينَةِ جَمِيعًا.
- لَمْ يَدَعْ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ رَسولَ الله آمِنًا في دَارِ هِجْرَتِهِ، فَنَزَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَٰتَلُونَ بِأَنَّهُمۡ ظُلِمُواْۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصۡرِهِمۡ لَقَدِيرٌ ٣٩﴾ [الحج: 39]. وَكَانَتِ الْمُوَاجَهَةُ الْأُولَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ في بَدْر، وَاسْتَمَرَّتِ الْمَعَارِكُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ سِجَالًا، حَتَّى عُقِدَ بَيْنَهُمَا «صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ» وَذَلِكَ في الْعامِ السّادِسِ لِلْهِجْرَةِ، لَكِنَّ الْمُشْرِكِينَ نَقَضُوا الْعَهْدَ، فَمَا كَانَ مِنَ الرَّسُولِ إِلَّا أَنْ تَوَجَّهَ في عَشَرَةِ آلافٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى «مَكَّةَ» وَدَخَلَهَا فَاتِحًا بِإِذْنِ الله، فَكَانَ إِذْنًا بِدُخُولِ النّاسِ في دِينِ الله أَفْوَاجًا.
- وَفي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ لِلْهِجْرَةِ، أَقْبَلَتْ وُفُودُ الْعَرَبِ قَاطِبَةً تُبَايِعُ رَسُولَ الله ﷺ عَلى «الإِسْلام»، وَقَدْ أَحْصَاهَا ابْنُ سَعْدٍ بِأَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ وَفْدًا.
- وَفي نِهَايَتِهَا حَجَّ رسُولُ الله ﷺ «حَجَّة الْودَاع»، وَخَطَبَ خُطْبَةً طَوِيلَةً: اسْتَوْعَبَتْ أُمُورَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا مَعًا، وَفِيهَا نَزَلَ عَلَيْهِ قوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينًاۚ ﴾ [المائدة: 3].
- وَفي أَوَاخِرِ شَهْرِ صَفَر، سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ لِلْهِجْرَةِ، مَرِضَ رَسُولُ الله ﷺ بِالْحُمَّى، وَتُوُفِّيَ في الثَّاني عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ: ثَلَاثٌ وَسِتُّونَ عَامًا. عَلَيْهِ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ وَأَزْكَى التَّسْلِيم.