موقع إقـرأ إفادةمــقالاتيصلاة التراويح من شعائر رمضان

محتوى ذو صلة

المؤلف

الشيخ صالح العود

المؤلف

• مُجاز في الشريعة من جامعة الازهر.

• باحث وكاتب في شؤون الدين والتربية والتعليم.

o ثلاثون عاما إذاعيا.

o خمسون عاما في مهنة التعليم.

• له مائة كتاب مطبوع في مختلف الموضوعات والموادّ العلمية.

• رصيده من المقالات تعد بالمئات، نشرت في عديد من الصحف والمجلات.

• حاضر وشارك في ندوات وملتقيات.

صلاة التراويح من شعائر رمضان

بقلم: الشيخ صالح العَوْد/فرنسا

إنّ لشهرِ رمضان “عباداتٍ جمَّة… وشعائرَ مُهمَّة”، لذا نجد غالبية الصائمين والصائمات من المؤمنين

و المؤمنات، جادِّين في القيام بها بل حريصين على عدم فواتها، إن كانت نهاراً أو ليلًا..

فَمِن العبادات اللَّيليَّة: صلاة القيام أي: (التَّراويح)، والتي شُرعَتْ في السَّنةِ الثَّانِيَة مِن الهِجْرَة النبوية؛ والأَصْلُ فيها حدِيثُ الشَّيخان: البخاري و مسلم في “التهجد” عن عروة بن الزبير رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خَرجَ ذات ليلة من جوف الليل، فصلَّى في المسجد، فصلَّى رجال بصلاته، فأصبح الناسُ فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلَّوْا معه، فأصبح الناسُ فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فصلَّوْا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجَز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قَضَى الفَجْر، أقْبَل على الناس، فتشَهَّد ثم قال: ” أما بعد: فإنّه لم يَخْفَ عليَّ مكانكم، لكنّي خَشيتُ انْ تُفْرَضَ عليكم  فتَعْجِزُوا عنها”.

وأجاب عن:” إشكال” تلك الخشيَة، شيخُ شيوخنا: العلاَّمَة الفقيه، والمحدِّث الوجيه: عبد الحق الدِّهْلَوي في كتابه النفيس: (لَمَعَات التنقيح في شرح مِشْكَاة المَصَابِيح / ج 4 ص112) فقال:”صلاة الليل كانت واجبة عليه صلى الله عليه وسلم، وأفعاله الشرعية يجب على الأمة الاقتداء به فيها، يعني: عند المواظبة، فترك الخروج إليهم، لئلا يدخل في الواجب من طريق الأمر بالاقتداء، لا من طريق انشاء فرض جديد زائد عن الخمس، وهذا كما يوجب المرء على نفسه صلاة نذر، فيجب عليه، ولا يلزم من ذلك زيادة فرض في أصل الشرع” .اهـ.

وأجاب الحافظ ابن حجر في فتح الباري بثلاثة أجوبة: “أحدها أن المخوف عليه قيام الليل بمعنى جعل التهجد في المسجد جماعة، وثانيها أن يكون المخوف افتراض قيام الليل على الكفاية لا على الأعيان، ولا يكون ذلك زائدا على الخمس بل هو نظير ما ذهب إليه قوم في العيد ونحوها وثالثها أن يكون المخوف افتراض قيام رمضان خاصة وقد وقع في الحديث أن ذلك كان في رمضان” اهـ.

ولهذه الشعيرة العظيمَة: فضائلها وأحكامُها على النَّحْوِ التَّالي: فمن فضائلها الجسيمَة، حديث أبي هريرة رضي الله عنه والذي أخْرَجهُ الخَمْسَةُ بالسَّنَد المُتَّصل عن النبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: “مَن قَامَ رمَضان ايمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه”.

أما حُكْمُها الشّرْعِي: فَهُو، أنَّها “سُنَّةٌ” لأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلّاها، وكاد أن يُوَاظِبَ عَلَيْهَا، لوْلا خَشْيَتُه صلى الله عليه وسلم أن تُفْرَضَ على أصْحابِه، إشْفَاقًا عليهم.

وقِيلَ: إنها “مُسْتَحَبّ”، لحديث البُخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: ” كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُرَغِّبُ فِي قِيامِ رمضان، مِنْ غَير أن يأمُرَهُمْ فِيه بِعَزِيمَة”.

ومِمَّا يَشْهَدُ لذلك: أنَّ مِنَ الصَّحابَة الكِرَام رضي الله عنهم -على جَلاَلَةِ قَدْرِهِم- كانُوا يُصَلون العشاء في جماعةِ المسْجِد، ثم ينْصَرِفون إلى بُيُوتِهم: أخرج الإمام الطحاوِي في كِتابِه شرْح الآثار: عَن عُبيْد الله عن نافع عن ابن عُمَر رضي الله عنهما: أنّه كان لا يُصَلِّي خلْفَ الإمام في شهر رمضان؛ وكذلك عن أبي الأسْود عن عُرْوَة رضي الله عنه أنه كان يصلي مع الناس في رمضان، ثم ينصرف إلى منزله فلا يقوم مع الناس.

ولصلاة التّراويح أحكام كثيرة تَخُصُّهَا، قد اِسْتَوْدَعْتُها في كتابِي: (أنوارُ المَصابيح في بيان صلاة التّرَاويح)، فمن ذلك هذه المسائل:

1.وقتها: بعد أذان العِشاء وأداءِ صلاتِها إلى صلاة الفجْر. قال الفقَهاء: لو صَلاَّها قبل العِشاء فلا تجوز.

2.عددها: مَارَوَتْهُ السيّدة عائشة رضي الله عنها: أنّه صلى الله عليه وسلم صلّى إحْدَى عَشْرَةَ رَكعَة كما هو عادتُه.

أمّا الّذي استقرَّ عليه مِن فِعْلِ الصَّحابة رضي الله عنهم وزَمَن الخلفاء الراشدين (عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم)، والتابعين فمَن بعْدهُمْ، هو”عشرون” ركعة.

 قال الإمام وليُّ الله الدهلوي في كتابه (حُجَّةُ الله البالِغَة): “زادت الصحابة ومَنْ بعْدهم في قيامِ رمضان ثلاثة: – الاجتماعُ له في مساجدهم. – أداؤه في أوَّلِ اليل. – عدده: عشرون ركعة”. اهـ.

وقال الإمام الشوكاني في كتابه (نيْل الأوْطار): “إنّ الذي دَلَّتْ عليه أحاديثُ (الباب) وما يشابِهُهَا: هو مشروعيةُ القيام في رمضان والصلاة فيه: جماعةً و فُرادَى، فقَصْرُ الصَّلاَةِ المسمّاة بالتراويح على عدد مُعَيَّن وتخْصِيصُها بِقراءَة مخصوصَة لم تَرِدْ به سُنَّة”.اهـ.

3.كَمُّ القِرَاءة فيها: لاَحَدَّ في ذلك أصْلاً لأنها مِنْ صلاة النوافل، وفي الأثر كما أَوْردَه الإمام علي القارِي في كتابه (مرقاة المفاتيح في شرْح مِشكاة المَصَابيح):”كان القارِئ يقرأ سورة البقرة في ثماني ركعات، وإذا اقامَ بها في ثِنْتَيْ عَشْرَة ركْعةً، رأى الناسُ أنّه قد خفّف”.

روى الحسن عن أبي حنيفة أنه يقرأ في كل ركعة عشر آيات ونحوها لأنه يقع به الختم مرة، لأنّ عدَد ركعات التراويح ستمائة وآيات القرآن ستة آلاف فيكون في كل ركعة عشر آيات تقريبا. وقال بعضهم يقرأ في كل ركعة عشرين إلى ثلاثين لما روي عن عمر بن الخطاب أنه دعا ثلاثة من الأئمة فأمر أحدهم أن يقرأ في كل ركعة ثلاثين اَية وأمر الثاني أن يقرأ خمسا وعشرين آية وأمر الثالث أن يقرأ عشرين آية في كل ركعة، فما قاله عمر فضيلة وما قاله أبو حنيفة سنة، وهذا لأنهم اتفقوا على أن السُّنّة الختم مرة والفضيلة الختم مرتين، والأفضلية الختم ثلاث مرات، والختم يقع مرة بما قاله أبو حنيفة رحمه الله، ومرتين أو ثلاث مرات بما أمر به عمر رضي الله عنه كذا قالوا، ومنهم من استحسن الختم في الليلة السابعة والعشرين رجاء أن ينالوا فضيلة ليلة القدر.

آخر المواضيع