قال الله عز وجل في سورة البقرة : شهر رمضان الذي أُنْزِل فيه القُرْآن

حقًّا وصدقَا، نزل (القرآن الكريم) في شهر رمضان العظيم، بصريحِ الآية : إلى اللوح المحفوظ (أوَّلًا)، ثم إلى بيت العِزَّة – في السماء الدنيا – (ثانيا)، ثم إلى الفضاء السُّفْلي – أي إلى الأرض على نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم (ثالثا)، فكان فعلًا مفرَّقًا في مرحلة طويلةٍ جدًّا، ما بين مكَّة والمدينة – زادهما الله تشريفا وتعظيما – وذلك منذ “البعثة”إلى قرب وفاته صلى الله عليه وسلم ، بمعنى: استغرق نزول القرآن عليه: (ثلاثا وعشرين سنة).

وكانت أوَّل آية نزلت عليه صلى الله عليه وسلم ، قوله تعالى :(اِقرأ باسم ربك الذي خلق -1- خلق الإنسان من علق -2- اِقرأ وربك الأكرم -3- الذي علَّم بالقلم -4- علَّم الإنسان ما لم يعلم -5-). وكان هذا النزول في السابعَ عشَر من شهر رمضان سنَة واحد وأربعين من ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ، بغار حِرَاء خارج مكَّةَ.

أما آخِر ما نزل عليه صلى الله عليه وسلم ، فهو قوله تعالى: (اليومَ أكملتُ لكم دِينَكُمْ وأتْمَمْتُ عليكم نعمتِي ورضيتُ لكم الإسلامَ دينا)، وكان هذا النزول في التاسع من شهر ذي الحِجَّة سنةَ عشرة للهجرة، الموافق للسنة الثالثة والستين من ميلاده صلى الله عليه وسلم ، بِمنًى يوم الحجِّ الأكبر.

وبذلك تكون فترة بَدْءِ الوحي ومنتهاه: اثْنَتَيْن وعشرين سنةً وخمسةً وعشرين يومًا.

إن هذا القرآن الكريم “شجرة”باسِقَةُ الأغصان، فيها من كل الأفنان الفارِعَة: (تلاوة..حفظ..تفسير..تعليم..تبليغ)، فهنيئا لمن شغله القرآن عن كل شاغل، فهو خير مؤبَّد، وشرف مؤيَّد.

روَى الترمذي عن عليٍّ بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال:

“هو حبل الله المتين، هو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغُ به الأهواء، ولا تتلبس به الألسنة، ولا تشبع منه العلماء؛ ولا يخلق على كثرة الردِّ؛ ولا تنقضي عجائبُه” الحديث.